في مشهد غير متوقع، وصل المدرب الإيطالي القدير كارلو أنشيلوتي إلى مدينة ريو دي جانيرو مساء الأحد، ليبدأ مهمته الرسمية كمدير فني للمنتخب البرازيلي، وسط أجواء خالية تقريبًا من مظاهر الحفاوة والاستقبال الشعبي الذي اعتاد عليه المدرب المخضرم في مسيرته الطويلة، والتي تزخر بالبطولات والنجاحات في أبرز أندية العالم.
ورُصد أنشيلوتي (65 عامًا) وهو يغادر المطار مرتديًا قبعة تحمل شعار منتخب البرازيل، ويحيط به عدد محدود من مرافقيه، في حين لم يكن بانتظاره سوى مشجع واحد فقط يرتدي قميص "السيليساو"، في مشهد يعكس حجم الفتور الجماهيري وربما الانقسام حول فكرة التعاقد مع مدرب أجنبي، وهو ما لم تشهده البرازيل منذ أكثر من 100 عام.
أنشيلوتي يقود "السيليساو" في مرحلة دقيقة من تاريخه
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس تمر به الكرة البرازيلية، بعد سلسلة من الإخفاقات والتقلبات الفنية والإدارية، حيث لم ينجح المنتخب في تقديم أداء مقنع خلال الفترة الماضية، خاصة بعد مونديال قطر 2022، ليتم اللجوء إلى أنشيلوتي بوصفه الحل المنتظر لإعادة الهيبة لـ"راقصي السامبا".
وسيتولى أنشيلوتي قيادة المنتخب حتى كأس العالم 2026، وفق عقد رسمي تم توقيعه منذ أشهر، إلا أن دخوله الفعلي إلى البرازيل يمثل بداية تنفيذ الخطط الموضوعة، حيث سيُعلن، الإثنين، عن أول قائمة رسمية له استعدادًا لخوض مواجهتين أمام الإكوادور وباراغواي في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال.
اضطرابات إدارية تسبق توليه المهام
اللافت أن وصول أنشيلوتي إلى البرازيل تزامن مع تغيرات إدارية كبرى في الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، حيث تم انتخاب سمير زود رئيسًا جديدًا للاتحاد، بعد معركة قانونية انتهت بإقالة إدنالدو رودريغيز الذي كان له دور رئيسي في استقطاب أنشيلوتي من ريال مدريد.
وقد أطاحت محكمة في ريو دي جانيرو برودريغيز بعد اتهامات بمخالفات انتخابية شابت عملية إعادة انتخابه عام 2024. وبينما رفض الرئيس المقال التقدم بأي طعون قانونية، تمنى التوفيق لخلفه، مؤكدًا دعمه لاستقرار الكرة البرازيلية.
وفي هذا السياق، صرح سمير زود أن أنشيلوتي "سيتمتع باستقلالية كاملة"، موضحًا أن القضايا القانونية المحيطة بالاتحاد لن تؤثر على خطط المدرب أو عمله الفني.
فشل القيادة المؤقتة يعجّل بالاستعانة بأنشيلوتي
تجدر الإشارة إلى أن البرازيل خاضت مرحلة انتقالية بعد كأس العالم، تحت قيادة مؤقتة من رامون مينيزيز وفرناندو دينيز، إلا أن النتائج المخيبة دفعت الاتحاد إلى الإسراع في تعيين أنشيلوتي رسميًا، خاصة بعد إقالة دوريفال جونيور عقب خسارة مهينة أمام الأرجنتين (1-4).
مشروع طويل الأمد ولكن التحديات كبيرة
رغم أن المشروع يبدو واعدًا، فإن غياب الحماس الشعبي عند وصول المدرب يثير التساؤلات حول مدى قبول الشارع البرازيلي لهذا النهج الجديد. ويبدو أن أنشيلوتي مطالب بإثبات جدارته بسرعة، سواء عبر النتائج أو تقديم كرة ممتعة تليق بسمعة "السامبا".
مؤتمر صحفي مرتقب
من المرتقب أن يعقد المدرب مؤتمره الصحفي الأول في فندق إقامته، حيث سيكشف عن خططه، ورؤيته لمستقبل المنتخب، وقائمته النهائية للتصفيات.
دمج الثقافة الأوروبية بالبرازيلية
تُعد هذه التجربة الأولى لمدرب أجنبي مع منتخب البرازيل منذ أكثر من قرن، ويُعرف عن أنشيلوتي أسلوبه التكتيكي المرن، وإدارته الهادئة للنجوم. وسيكون عليه إيجاد توازن بين الانضباط التكتيكي والثقافة البرازيلية المتمثلة في الإبداع والمهارة.
هل ينجح كارلو أنشيلوتي؟
مع انطلاقة فترته الجديدة، يقف كارلو أنشيلوتي أمام مهمة استثنائية تتجاوز كرة القدم، فهي تتعلق بتغيير ذهني وثقافي في أكبر دولة كروية بالعالم. وحدها النتائج والمستوى على أرض الملعب ستحدد إن كان أنشيلوتي قادرًا على إعادة البرازيل إلى منصة التتويج.
تعليقات
إرسال تعليق